فيلم «الشجاعة».. نموذج لأفلام الرسوم المتحركة والجماليات البصرية

فيلم «الشجاعة».. نموذج لأفلام الرسوم المتحركة والجماليات البصرية

عمان - محمود الزواوي - اشترك في إخراج فيلم «الشجاعة»(Brave) ثلاثة مخرجين هم مارك أندروز وبريندا تشابمان وستيف بيرسيل، وهو أمر مألوف في أفلام الرسوم المتحركة التي يشترك في إخراجها مخرجان أو ثلاثة مخرجين في بعض الأحيان. واشترك هؤلاء المخرجون الثلاثة أيضا في كتابة سيناريو الفيلم مع الكاتبة السينمائية أيرين ميشي استنادا إلى قصة من تأليف المخرجة بريندا تشابمان.يجمع فيلم «الشجاعة» بين أفلام الرسوم المتحركة والحركة والمغامرات والأفلام الخيالية والكوميدية. وتقع أحداث قصة الفيلم في اسكتلندا في القرن العاشر. ويستند فيلم «الشجاعة»، شأنه في ذلك شأن أفلام الرسوم المتحركة الأخرى، إلى قصة من نسج الخيال، الهدف منها هو تقديم سلسلة من الأحداث الترفيهية المثيرة التي تعتمد اعتمادا كبيرا على فن الرسوم المتحركة والجماليات البصرية التي تروق لجمهور سينمائي عريض، ابتداء بالأطفال وامتدادا إلى جميع أفراد الأسرة. تبدأ أحداث فيلم «الشجاعة» بمقدمة يظهر فيها الملك فيرجوس (صوت الممثل بيل كونولي) والملكة إلينور (صوت الممثلة إيما تومسون) في منطقة محاطة بالأشجار وهما يحتفلان بعيد ميلاد ابنتهما الصغيرة الأميرة ميريدا (صوت الممثلة بيجي باركر في صغرها وصوت الممثلة كيلي مكدونالد بعد كبرها في السن). وميريدا هي الشخصية المحورية وحاملة عنوان الفيلم «الشجاعة». ويقدّم الملك لأميرته الصغيرة بهذه المناسبة قوسا ومجموعة من السهام، ما يشجعها على أن تصبح أفضل رامية في المملكة، وما يثير غضب والدتها الملكة إلينور. وتتعقب ميريدا سهما أطلقته بالخطأ ودخل الغابة المجاورة، حيث ترى خيالا متوهجا تحدّث والديها عنه عند عودتها، وتخبرها والدتها بأن مثل هذا الخيال المتوهج قد يحدّد مصير الشخص الذي يراه. وفجأة يتعرض الحضور لهجوم من دب أسود ضخم. وبعد انسحاب الملكة إلينور والأميرة ميريدا يشتبك الدب مع الملك ورجاله، ما يؤدي إلى قطع ساق الملك.تقفز أحداث قصة فيلم «الشجاعة» إلى الأمام، حيث نجد أن الملكة إلينور قد أنجبت ثلاثة توائم من الأولاد المشاغبين، وأن ميريدا أصبحت مراهقة نشيطة مغرمة بممارسة رمي السهام في الغابة، مع أن أمها تريد لها أن تتصرف على نحو يليق بأميرة مثلها. ويتقدم ثلاثة من أبناء زعماء الممالك المجاورة لخطبتها، إلا أنها ترفضهم جميعا لعدم لياقتهم رغم إصرار والدتها، ثم تمتطي جوادها وتذهب إلى الغابة، حيث يقودها الخيال المتوهج إلى كوخ الساحرة (صوت الممثلة جولي والترز) وتطلب منها أن تستخدم قوتها السحرية لتغيير موقف والدتها منها، إلا أن ما تفعله الساحرة يتجاوز ذلك بكثير، ويحوّل الملكة إلينور إلى دب نتيجة تناولها لجرعة مستحضرة من قبل الساحرة، ما يصيب ميريدا بصدمة. وبعد أن تدرك ميريدا ووالدتها حقيقة ما حدث، تبدآن في العمل معا وفي التقارب أكثر من أي وقت مضى، مع أن الأم غير قادرة على الكلام. ومن حسن الحظ أن أمام ميريدا يومين يمكنها خلالهما أن تعكس أثر هذه المسحة السحرية التي أصابت والدتها وتعيدها إلى طبيعتها الإنسانية. أما الأب الملك فيرجوس فهو يعيش في شبه عزلة منذ أن فقد ساقه ولا يتعرف على زوجته الملكة إلينور عندما يراها في شكل دب.ترافق ميريدا والدتها وهي في شكل دب إلى الغابة بحثا عن الساحرة لمساعدتها على استخدام تعويذتها السحرية وإعادة والدتها إلى حالتها الإنسانية، إلا أن ميريدا تجد رسالة في كوخ الساحرة تبلغها فيها أنها لن تعود حتى الربيع القادم وأن الطريقة الوحيدة لعودة والدتها إلى طبيعتها الإنسانية لن تتحقق إلا إذا تمكنت من حل لغز تترك بعض كلماته لميريدا، على أن يتم ذلك خلال الموعد النهائي المحدد بيومين فقط، وإلا فإن إلينور ستبقى في شكل دب بقية عمرها. وبعد سلسلة من التطورات والتقلبات والمغامرات المثيرة تنجح ميريدا في حل اللغز وتعيد إلى والدتها الملكة إلينور طبيعتها الإنسانية، ويعود الوئام إلى العلاقة بين الابنة الأميرة ميريدا ووالدتها الملكة إلينور.يتضح من هذا العرض لقصة وأحداث فيلم «الشجاعة» أن مؤلفي القصص الخيالية المستخدمة في أفلام الرسوم المتحركة الطويلة يذهبون إلى أقصى حدود الآفاق الخيالية في البناء السردي لهذه القصص وابتكار الشخصيات وابتداع الأحداث الخيالية، ولكنها تروق لجمهور واسع في إطار القصص الخيالية الترفيهية لأفلام الرسوم المتحركة.ويتميز فيلم «الشجاعة» بسرعة الإيقاع وعنصر التشويق والمواقف الكوميدية وتطوير الشخصيتين الرئيسيتين لقصة الفيلم، وهما الأميرة ميريدا والملكة إلينور. وقد وقف وراء هذا العمل الفني ثلاثة مخرجين متعددو المواهب يجمعون في أعمالهم السينمائية بين الإخراج والتأليف والتمثيل أو أداء الأصوات وممارسة فن الرسوم المتحركة. كما يتميز الفيلم بإبهار المؤثرات الخاصة التي شارك فيها 46 من الفنيين المتخصصين وبراعة الرسوم المتحركة الحيوية المتقدمة التي ساهم فيها 22 فنانا والاهتمام بالتفاصيل التي تبدو واضحة بشكل خاص في تصوير المرتفعات الإسكتلندية الجميلة برسوم متحركة ساحرة. ومن الرسائل التي يقدمها الفيلم التأكيد على ضرورة تقوية أواصر العلاقة والتفاهم بين الأمهات والبنات. صعد فيلم «الشجاعة» في أسبوعه الافتتاحي إلى قمة قائمة الأفلام التي تحقق أعلى الإيرادات في دور السينما الأميركية، وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذا الفيلم 442 مليون دولار، فيما بلغت تكاليف إنتاجه 185 مليون دولار. يواصل فيلم «الشجاعة» سلسلة أفلام الرسوم المتحركة التي تحقق نجاحا كبيرا على شباك التذاكر والتي تقع ضمن الأفلام ذات الميزانيات الضخمة التي تنتجها هوليوود، شأنها في ذلك شأن أفلام الخيال العلمي والحركة والمغامرات. وقد شهدت أفلام الرسوم المتحركة الروائية الطويلة انبعاثا في تسعينيات القرن الماضي بعد تراجع استمر أكثر من أربعين عاما، وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققته سلسلة من تلك الأفلام، ومن أشهرها فيلم «الجميلة والوحش» (1991) و»علاء الدين» (1992) و»الملك الأسد» (1994) و»قصة دمية» (1995) التي بلغت إيراداتها العالمية الإجمالية مجتمعة أكثر من ملياري دولار. ويستمر إنتاج هوليوود لأفلام الرسوم المتحركة الروائية الطويلة بكثافة منذ ذلك الوقت.